أثبت متخصصون من كلية الهندسة المدنية في جامعة هونغ كونغ أن التربة في جميع أنحاء العالم أصبحت خزانا كبيرا ومعززا لجينات مقاومة المضادات الحيوية (ARG) فائقة الخطورة. تُسهم هذه الجينات في تمكين البكتيريا من تطوير مقاومة فعالة للمضادات الحيوية، وقد تصاعد خطرها على الصحة العامة بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي.وتُعرَّف مقاومة مضادات الميكروبات (AMR) بأنها قدرة البكتيريا على الإفلات من تأثير المضادات الحيوية، وهي تُعد أحد أخطر التهديدات الصحية عالميا، إذ تتسبب في وفاة أكثر من 1.27 مليون شخص سنويا. ورغم أن المستشفيات والمرافق الصحية تُعد تقليديا ساحات المواجهة الأساسية لهذه الظاهرة، توصل علماء من جامعة هونغ كونغ إلى أن التربة تؤدي دورا مهما وخفيا في انتشار مقاومة المضادات الحيوية. ومن المعروف أن جينات مقاومة المضادات الحيوية (ARG) موجودة طبيعيا في التربة بمختلف أنحاء العالم، وقد جرى رصدها في بيئات شديدة التنوع، من الخنادق المحيطية العميقة إلى المناطق البرية النائية في ألاسكا، وحتى في التربة الصقيعية. غير أن الخطر الحقيقي لا يكمن في وجود هذه الجينات بحد ذاته، بل في تلك المرتبطة بالنشاط البشري، والتي تشكل تهديدا مباشرا للصحة العامة.وفي إطار الدراسة، حلل الباحثون قرابة 4000 مجموعة من البيانات الجينية المأخوذة من بيئات مختلفة، شملت التربة والبراز ومياه الصرف الصحي، إلى جانب دراسة أكثر من 8000 سلالة من بكتيريا الإشريكية القولونية. وأظهرت النتائج أن مستوى الخطر المرتبط بجينات مقاومة المضادات الحيوية في التربة شهد ارتفاعا مطردا بين عامي 2008 و2021، بالتزامن مع تزايد التشابه بين أنماط مقاومة البكتيريا في التربة وتلك الموجودة لدى الإنسان. ويُعزى هذا التقارب إلى ظاهرة الانتقال الجيني الأفقي، التي تتيح تبادل الصفات الوراثية بين البكتيريا.وخلص الباحثون إلى أن مواجهة مقاومة المضادات الحيوية يجب ألا تقتصر على القطاع الصحي، بل ينبغي أن تشمل المصادر البيئية، وعلى رأسها التربة. كما دعوا إلى تبني نهج شامل يُعرف باستراتيجية "الصحة الواحدة" (One Health)، يتضمن تحسين إدارة النفايات لمنع تسرب المضادات الحيوية وجينات مقاومتها إلى البيئة، وتشديد الضوابط على استخدام المضادات الحيوية في الزراعة، إضافة إلى المراقبة المستمرة لصحة النظم البيئية التربوية.نُشرت نتائج البحث في مجلة Nature Communications.المصدر: Naukatv.ru