بقلم: عاطف عبداللهإلى شهداء ثورة أكتوبر 1964 المجيدةعنهم : أحمد القرشي طه، بابكر حسن عبد الحفيظ، مدني التجاني المرضي، لورنس ديمتري، مبرور شول، بخيتة المبارك الحفيان، مهاجر يعقوب.السلام عليكم وأنتم في عليائكم،في الذكرى الحادية والستين لثورتكم الخالدة، نقف أمام تضحياتكم خاشعين، نحاول أن نخاطبكم لا لنُحدّث التاريخ، بل لنعترف أمامه.نعترف أننا لم نكن على قدر الحلم الذي حملتموه. خرجتم وأنتم تهتفون للحرية ولسقوط الاستبداد، تحلمون بوطنٍ يُدار بإرادة مواطنيه لا بوصاية العسكر، وبحكمٍ عادلٍ لا مكان فيه للظلم أو القهر. كنتم أوائل من كتبوا أسماءهم في سجل الخلود، حين سالت دماؤكم الطاهرة على تراب الوطن لتفتحوا لنا درب الفجر، لكننا – بعد ستة عقود – ما زلنا نترنح بين الفجر والظلام.لقد اجتهدنا، أيها الشهداء، ما استطعنا إلى الوفاء، كما عاهدناكم، بأننا “لن نرجع شبرا”… قمنا بثورة أبريل 1985، ثم بثورة ديسمبر 2018، ورفعنا ذات الشعارات التي خرجتم من أجلها: حرية، سلام، وعدالة. قدمنا مزيداً من الشهداء، آمنا أن الديمقراطية هي الطريق الوحيد لبناء الدولة، لكنّ الطريق ظلّ موصداً كل مرة، والذين أُنيطت بهم حراسة الحلم كانوا أول من انقلبوا عليه.الجيش، الذي كان يجب أن يكون درع الديمقراطية، صار سيفاً على عنقها. والنخب المدنية، التي كان يفترض أن ترسّخ قيم الحرية، غرقت في صراعاتها الصغيرة وانقساماتها المَرَضية، حتى فقد الناس الثقة في السياسة نفسها.لقد فشلنا في امتحان الديمقراطية، وعجزنا عن صياغة عقد اجتماعي يضمن وحدة الوطن وعدالة الحكم.واليوم، والحرب تلتهم ما تبقّى من السودان، والمدن تشتعل، والملايين يُهجّرون ويُجَوّعون، ندرك كم كنا بعيدين عن حلمكم الجميل. هذه الحرب ليست فقط على الأرض، بل على المعنى ذاته الذي عشتم واستشهدتم من أجله: الحرية والكرامة الإنسانية.ورغم كل شيء، ما زال في القلب بقية إيمان، وما زال في الجيل الجديد قبس من ضوءكم. نراهم اليوم وهم يرفعون ذات الشعارات، غير خائفين ولا يائسين، مؤمنين أن هذا الوطن يمكن أن يولد من رماده، دولة مدنية عادلة تليق بكم.نعتذر لكم، أيها الشهداء، لأننا تأخرنا كثيراً في إنجاز ما بدأتموه، لكننا نتعهد أمامكم وأمام التاريخ أننا لن نحيد عن الطريق.سنواصل الدرب حتى تتحقق الغايات التي أريقت لأجلها دماؤكم: الحرية، والديمقراطية، والعدالة، والدولة المدنية.المجد والخلود لكم،وليبقَ أكتوبر مشعلاً في ضمير الشعب إيمانا وبشرى، “وعلى الغابة والصحراء ما بقي فيها من يؤمن بأن الدم الذي كُتب به اسم السودان، لا يمكن أن يضيع هدراً.The post رسالة إلى شهداء أكتوبر في ذكراكم الحادية والستين appeared first on صحيفة مداميك.