إعلاميات سودانيات يلجأن للمهن البديلة لتوفير متطلبات الحياة

Wait 5 sec.

لجأت الكثير من الإعلاميات في السودان جراء الصراع المستمر منذ ما يقارب العامين لمهن بديلة من أجل توفير متطلبات الحياة في ظل تلك الظروف الصعبة.السودان: ميرفت عبد القادرتسبب الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في فقدان كثير من الإعلاميات السودانيات لوظائفهن الأساسية بسبب تدمير واستهداف تلك المؤسسات وتضييق الخناق عليهن في الحصول على المعلومات ومنعهن من الوصول للحقائق.ما بين الشغف بمهنة الإعلام وضرورات الحياة التي لا تنتظر، قررت العديد من الصحفيات السودانيات تغيير طريق الإعلام الحافل بالتحديات والمصاعب، والتوجه إلى مهن أخرى سواء في السودان أو في البلاد التي لجأن إليها.اعتقال وتهديدوجد الكثير من الإعلاميين والإعلاميات السودانيين أنفسهم في محل اتهام متبادل من طرفي الصراع بالتخوين والتعاون، وتعرض عدد منهم لعمليات اعتقال وتهديد بالقتل والتعرض للأهل والأقارب من قبل قوات الدعم السريع، وكذلك الاعتقال بتهمة التعاون مع الدعم السريع من قبل قوات الجيش السوداني.وفي بداية الصراع احتجز عدد كبير من الإعلاميين خصوصاً في التلفزيون والإذاعة القوميين بينهن عدد من الإعلاميات لعدد من الأيام وسط تعرض الاستديوهات للقصف المتبادل بين الطرفين والإعلاميين بداخلها، وبعد مضي عدة أيام تم إجلائهم إلى منازلهم بعد مطالبات وضغط المنظمات الأممية على طرفي الصراع.وواجهت الإعلاميات تحديات متعددة نتيجة للصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وأصبحن أهدافاً سهلة للعنف والاضطهاد، وربما القتل، حيث تعرضن للتهديدات والاعتداءات الجسدية والمضايقات في العمل للحصول على المعلومة.وتقول الصحفية والمصورة أنعام أحمداي إنها تعرضت لعملية سرقة لكل ممتلكاتها الإعلامية من كاميرا ومعدات في إحدى نقاط التفتيش التابعة لقوات الدعم السريع بدارفور غربي السودان عند خروجها من الفاشر متجهة لشرق السودان، وتم احتجازها في معتقلات الدعم السريع بسبب هذه المعدات، واتهامها بأنها تصور مواقعهم للجيش السوداني، وتم تهديدها هي وأسرتها إن تأكد ذلك.وأضافت إن نفس الأحداث تكررت معها عند وصولها مناطق سيطرة الجيش السوداني، فبعد أن استعادت قواها، وقررت العودة لنقل الحقائق بشرق السودان، تعرضت للتوقيف والاعتقال ليوم كامل من قبل استخبارات الجيش السوداني، وبعد كل هذه المضايقات التي وجدتها تركت مهنة الصحافة والإعلام، واتجهت للعمل في مصنع صغير بالمنطقة لصناعة الصابون، من أجل توفير متطلبات الحياة لها ولأسرتها، ولكنها أكدت بأنها ستعود للإعلام إذا عادت الحياة لطبيعتها وباتت هناك جزء من الحرية.الأعمال البسيطة واليدوية هي الحل الأمثلولجأت الكثير من الإعلاميات للأعمال اليدوية والمهن البسيطة من أجل استمرارية الحياة، وتوفير المتطلبات، وتقول ولاء إبراهيم المذيعة بقناة البلد السودانية إن مكاتب القناة تعرضت للتدمير الكامل، وتمت سرقة كل محتوياتها من أجهزة ومعدات فاتجهت لتجارة المقرمشات (التسالي)، وتحميص البن وبيعه لسد الفجوة المالية وتوفير متطلباتها وأسرتها.وأوضحت أن أكبر عقبة واجهتها هي ارتفاع أسعار المواد مقارنة بدخل الأفراد اليومي، متمنية عودة المؤسسات الإعلامية للعمل بالخرطوم حتى تعود هي وزميلاتها لوظائفهن الأساسية.الإكسسوار التقليديأما المذيعة ومقدمة البرامج زحل صلاح فتقول إن تدمير مؤسستهم الإعلامية والقصف الذي تعرضت له تسبب في فقدانهم لزملاء بالمؤسسة، واضطرت للنزوح لولاية الجزيرة وسط السودان لمواصلة عملها الإعلامي ونقل الحقائق، إلا أن الوصول للمعلومات لم يكن بالأمر السهل بالنسبة لها بعد منع العمل الإعلامي دون استخراج تصاريح من قبل استخبارات الجيش السوداني فقررت النزوح مرة أخرى بحثاً عن الأمان والمهن البديلة.وأوضحت بأنها عملت في صناعة الإكسسوار التقليدي من أجل توفير متطلبات الحياة اليومية، كما قامت بتدريب عدد من النساء والفتيات لتعلم هذه المهنة ليصبح لهن مصدر دخل في ظل هذه الظروف الصعبة والمعقدة.وأكدت أن المهن البديلة لن تنسيها شغفها بالإعلام، وتأمل عودة المؤسسات الإعلامية وعودة الحريات للعمل الصحفي في نقل الحقائق والمعلومات.الهجرة بحثاً عن الأمان والمهن البديلةواضطرت العديد من الأسر السودانية للهجرة إلى دول الجوار ودول أخرى بحثاً عن الأمان وعن فرص عمل، حال عدد من الإعلاميات اللائي فضلت تحمل البعد عن الأهل والوطن من أجل تحقيق الاستقرار المادي، فاضطررن للعمل في الأعمال البسيطة والهامشية في بلاد المهجر، لاسيما وإن فرص العمل الإعلامي في الخارج ليست متاحة لهن.وهذا ما أكدته المذيعة بتلفزيون وإذاعة نيالا غربي السودان تسابيح حامد التي اضطرت للنزوح من نيالا بعد تعرض منازلهم للقصف، وكذلك تم تدمير هيئة الإذاعة والتلفزيون وسرقة محتوياتها تماماً.وتقول “بقينا نعمل بنيالا من أجل إيصال الحقائق للمواطنين إلا أن الظروف كلها كانت غير مواتية وليست في صالحنا وكنا هدف رئيسي وعرضة للاستهداف بشكل مستمر وتفتقر المنطقة للخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والغاز والانترنت والأمان فاضطررنا لتركها بحثاً عن الأمان”.وأوضحت “مررنا بعدد من ولايات السودان واستقر بنا الحال خارج السودان في رحلة جديدة وصعبة للبحث عن عمل”، لافتةً إلى أنها عملت في مجال المخبوزات والمعجنات بكمبالا واستطاعت النجاح في مهمتها الجديدة.وبينت أنها واحدة من مئات الإعلاميات اللائي اضطررن للعمل في مهن بديلة بعد فقدانهن لمهنة الإعلام بسبب الصراع ومع ذلك استطاعت النجاح وتحقيق الأهداف.وقالت تسابيح حامد أن عدد من اللاجئات معها تعملن في مجال المخبوزات والأعمال اليدوية وهن في الأصل طبيبات ومهندسات وغيرهن من الموظفات في مجالات مختلفة في السودان أجبرهن الصراع للعمل في مهن بديلة من أجل الظروف المادية وتوفير لقمة العيش.وأكدت أن هذه التجارب أضافت لها الكثير، وتعلمت منها مواجهة الظروف والبداية من جديد مهما توقفت، متمنيةً أن يعود الأمن للسودان وينعم بالاستقرار.تصميم الهدايا وتزيينهاأما الصحفية ومقدمة البرامج فاطمة طه فاضطرت للهجرة إلى مصر بعد فقدانها لوظيفتها الأساسية، والعمل في مجال تصميم الهدايا وتزيينها من أجل متطلبات الحياة.وتقول إن الصراع في السودان لا يشبه الحروب في الدول الأخرى التي تكفل حق حماية الصحفي، وتسمح له بأخذ المعلومات ونشرها، ولكن الصحفي في السودان ظل دائماً مستهدفاً ومتعرضاً للتخوين والاتهامات من الطرفين لذا “قررت الهجرة لمصر والعمل في مهنة بديلة، فبدأت في تصميم وتزيين الهدايا ونجحت الفكرة وأصبحت الآن أعرف بتصميم الهدايا واجتهد فيها”.ورغم هذه التحديات لا تزال الإعلاميات السودانيات مصممات على مواصلة عملهن ونقل الحقيقة من قلب الصراع، إن أتيحت لهن الفرصة والتزم طرفي الصراع بحمايتهن بممارسة العمل الصحفي وفق القوانين الدولية التي تكفل للصحفي حق الحماية ونقل الحقيقة دون أن تعترضه جهة.المصدر: وكالة أنباء المرأة The post إعلاميات سودانيات يلجأن للمهن البديلة لتوفير متطلبات الحياة appeared first on صحيفة مداميك.