العمل الإنساني… متطوعون يصنعون الحياة ويكابدون للبقاء في السودان

Wait 5 sec.

مداميك: ندى رمضانمتطوعو السودان على الرغم من ادوارهم الإنسانية البارزة الا انهم اضحوا مستهدفين من طرفي الحرب “الجيش والدعم السريع” وللمفارقة كان الطرفان يحكمان السودان على نحوٍ ما ومنذ انقلابهما على الحكومة المدنية في 2021م أصبح الحلفاء أعداء، والضحايا هم الشعب”، وبات المدنيون مستهدفين بتهمة التعاون والتخابر التي تصل عقوبتها حد القتل والحكم بالاعدام، هذا الواقع المعكوس ضاعف من معاناة المتطوعين بغرف الطوارئ “التكايا” ليس لشيء سوى جريرة انهم سخروا انفسهم لخدمة الناس انطلاقا من ايمانهم بقيم الحق في الحياة الكريمة والامن والسلام والاستقرار.وفي ظل الحرب التي قضت على كل شيء الا بذرة الخير التي استقرت في افئدة المتطوعين وبحسب المتابعات فإن آلاف المتطوعين في مختلف أنحاء البلاد قدموا خدماتهم لنحو ثلاثة ملايين سوداني وما زالوا يعملون من اجل توفير حوجات العالقين بمناطق النزاعات من اكل وشرب ودواء دون من او اذى/ وهم يصارعون لإيجاد ملاذ آمن في وضع مستحيل.وبعد رحلة شاقة دامت خمسة عشر يومًا عبر عدد من المدن والقرى، وصلت مجموعة من نساء الفاشر التي تقبع تحت الحصار منذ عام ونيف إلى جنوب الخرطوم، حيث يعتمدن على المطابخ و”التكايا التي تغطي حوجة الملايين ممن شردتهم الحرب، ولحسن الحظ تعتبر التكايا ومطابخ الطوارئ الخيرية واحدة من اشهر ثقافة التكاتف والعمل الإنساني في حالات السلم والحرب في السودان.وعندما طلبنا من الناجيات من ويلات الحرب بالفاشر أن يروين قصصهم، انفجرن باكيات فقصص الحرب خاصة في دارفور مأساوية لا تحتمل، واولى الانتهاكات التي تعرضن لها إجبارهن على دفع أموال لميليشيات قوات الدعم السريع، التي تُحاصر المدينة للسماح لهن بالمغادرة.وقالت النازحة سعاد إسماعيل ان الاسر تكابد من اجل البقاء على قيد الحياة واقتصر الغذاء في طبخ أوراق الأشجار، واخيرا الاعتماد على “الامباز” وهو علف الحيوانات حيث يعيش الأطفال الصغار عليه كوجبة أساسية ان وجد. وفي اليوم التالي، يُعثر على اغلبهم متوفين بسبب التسمم الغذائي، وقالت سعاد وهي تكفكف دموعها: “عائلاتنا في الفاشر تعيش أوضاعا حرجة لا طعام ولا دواء، ومن لم يمت بالرصاص يموت جوعاً”.وروت النازحة خديجة قصتها وهي تصف كيف حاول المسلحون اخذ أطفالها الصغار دون اي مراعاة لأعمارهم، وفي اكثر من ارتكاز على مداخل المدن على طول الطريق. وأضافت “أنا ذات بشرة داكنة لذلك لا يعتبرونني شيء ولا أحد يستمع إلي” قالت: “أخبرتهم أنني كنت أعتني بهؤلاء الأطفال طوال الحرب. فعايرني بلون بشرتي”اسكتي ياخادم اسكتي”.وتابعت: “تشبثت النساء بأطفالهن بشدة، وتمكنّ بطريقة ما من إنقاذهم، كانت خديجة حريصة على حماية الأطفال ولو تطلب الامر التضحية بروحها، لأنها فقدت ابنها محمد البالغ من العمر عشر سنوات، جراء القصف. تحتفظ شقيقاته بصور صغير ذي عيونٍ براقة كأحد أطفال السودان الكثر الذين لم ينقذهم أحد.وفي السياق فإن المنظمات الأممية للإغاثة والدبلوماسيين مع بداية الحرب في عام ٢٠٢٣ تم اجلائهم، بينما واجه السودانيون مصيرهم معتمدين على انفسهم رغما عن ضيق الموارد ومحدوديتها فمن خلال “النفير” العمل الجماعي أسسوا غرف الاستجابة للطوارئ، التي توفر الغذاء والرعاية الطبية وخدمات أخرى لمن قلبت الحرب حياتهم رأسًا على عقب.وقد قدمت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية بعض التمويل، ولكن الجزء الأكبر من الدعم يأتي من السودانين بالمهاجر وبعض الشركات المحلية وهو نموذج جديد من المساعدة المتبادلة للإغاثة الإنسانية.وفي غضون ذلك يشرف محمد الفاتح ـ وهو اسم مستعار ـ على احدى التكايا بجنوب الخرطوم حيث اتيحت لنا الفرصة للقاء مجموعة من النساء الفارات من جحيم مليشيا الدعم السريع بدارفور، وقد تم توفير سكن لهن، بصفته مهندس “تكنلوجي” ميسور الحال كان بإمكانه مغادرة السودان إلى امريكا أو أوروبا، لكنه اختار البقاء.واكد محمد الفاتح انهم مجموعة كبيرة تتعاون مع آخرين في الخارج للوصول إلى المحتاجين، لنُظهر للمجتمع أن للحياة هدفًا أسمىوللمفارقة قال ان افراد الميليشيات يستغلون أفقر الناس وأكثرهم ضعفاً، والمتطوعون الذين يتخلون عن كل شيء لمساعدة الآخرين في تشفى في الشعب بدلا عن حمايته وتوفير الأمان له كما يدعون انهم يحاربون من اجل الديمقراطية والحكم المدني.وبدأت الحرب في السودان عام ٢٠٢٣، عندما تمرد مقاتلو قوات الدعم السريع الميليشيا التي خلفت الجنجويد التي ارتكبت إبادة جماعية في دارفور قبل ٢٠ عامًا ابان حكم نظام المخلوع البشير وينحدر قوات الدعم السريع في معظمهم من القبائل العربية بدارفور. وختم المتطوع محمد الفاتح حديثه إن الحرب تبرز أفضل ما في الناس وأسوأ ما فيهم وهذا ما يحدث بالسودان الآن.The post العمل الإنساني… متطوعون يصنعون الحياة ويكابدون للبقاء في السودان appeared first on صحيفة مداميك.